جيهان السنباطى تكتب : الإلحاد في مصر

جيهان السنباطى

يمثل الهروب من الواقع، كهفاً مظلماً يلجأ إليه الضالون، للإنغماس في الحيوانية الضالة، كما قال الله سبحانه وتعالى “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلََا” (الفرقان:44).

هؤلاء الضالون يتبعون الباطل، ويتركون الحق عن عمد وتحدٍ مقيت، كما قال الله سبحانه وتعالى ” سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلََا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ” (الأعراف:146).

أقول قولي هذا لأنه أصبح الحديث مؤخراً عن الإلحاد والملحدين في مصر بلد الأزهر أمراً يستهان به، ولم يكن هناك رداً رادعاً من علمائنا الأجلاء للتصدي الى ظاهرة إعلان مثل هؤلاء المنحرفين نفسياً وفكرياً عن أفكارهم الهادمة لشبابنا، ونشرها على صفحات التواصل الإجتماعي, لكسب أعداداً كبيرة من المؤيدين والمتابعين لتلك الأفكار الشاذة لدرجة تجعل عدد من الفضائيات إستضافتهم والإستماع الى مايروجون له من فكر يعتقد أصحابه أنه منطقي وهو بعيد كل البعد عن العلم والمنطق .

نعلم أننا أصبحنا عالماً مفتوحاً يصعب فيه إخفاء تلك الظواهر الغريبة، ولكن دعوني أتسائل هنا عن ماهو المغزي الحقيقي وراء إستضافة تلك القنوات الفضائية لهؤلاء الملحدين سوى مزيداً من التربح بإسم الدين، فظاهرة مثل تلك أكيد ستشد إنتباه الكثير من المشاهدين لمتابعتها ولو حتى لمجرد إشباع الفضول لديهم والخطورة كل الخطورة هنا أن يكون من ضمن هؤلاء المتابعين من هم ضعفاء الإيمان وضعفاء الثقافة الدينية والعقيدة فيسهل التأثير عليهم لعدم وجود الحجج والرد المقنع المنطقي الذي ينفي أو يتصدى لتلك الأفكار، خاصة وأن معظم الفضائيات التى إستضافتهم لم تستعن برجال وعلماء الدين لمواجهتهم بالحجة ومحاولة إثبات الحق الذى يجب أن يتبع .

ولكي تتضح خطورة ظاهرة الإلحاد دعونا نشير الى ماهو معنى الإلحاد، فالإلحاد يعني الإنكار، و إنتشاره متعلق بانهدام الحياة القلبية وسقوطها، كما أنه من الناحية الفكرية هو إنكار الله وعدم قبوله، أما في مستوى العمل والسلوك فيتبنّى الإباحية ويدافع عنها، وتعتبر أول بيئة ينمو فيها الإلحاد هي البيئة التي يسود فيها الجهل ويغيب عنها القلب، ويستخدم الملحدين قوانين الطبيعة وسيلة للسيطرة على عقول الأجيال .

تعامل الملحدين مع نظريات العلم علي انها مطلق، ومن ثم استبدلوها مكان الدين وتحولوا الي متدينين من نوع اخر، لانهم يتمسكون بالقشور من كل النظريات العلمية وينبغي عليهم أن يفهموا أن جوهر العلم قابل للخطأ والباب مفتوح للتغيير المستمر .

وهناك أسباب عدة وراء إتجاههم الى الإلحاد وإنكار وجود الله عز وجل منها الكِبر والجهل وإنعدام المنطق والإغراق في المادية وحصر الموجودات في المادي فقط ونسيانهم أو تناسيهم أن الوجود المادي هو أسفل أنواع الوجود، وأن الوجود الأسفل لا يدرك الوجود الأعلى بحواسه المباشرة وإنما يدركه بما كمن فيه من الحواس العليا كحاسة العقل والروح، بالإضافة الى عدم رغبتهم في الإبصار وتناسي الدار الآخرة بقُصر نظرهم الذي وصل بهم إلى العمى الكامل، فآثروا متعة الحياة الدنيا الزائلة الناقصة المعيبة عن متعة جنة الفردوس المقيمة الكاملة المثالية .

اللهم أنر قلوبنا وعقولنا بنور الإيمان بك، كما ملأت أكوانك الفسيحة بنورك الذي بيَّن لكل شيء سبيله دون التباس ولا تخبُّط.

اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان والخشوع لك وجوارحنا على طاعتك.

 

بواسطة belaad بتاريخ 23 مايو, 2014 في 12:34 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

اترك تعليقا