د. خالد جمال حسن يكتب : حسن معاملة الخدم

د-خالد حسن

حسن معاملة الخدم خلق كريم من أخلاق رسول الله ألا فتخلقوا به من الطبيعي إنسانياً أن تحسن أخي الكريم معاملة من يخدمك ، لأنه في الحقيقة هو صاحب فضل عليك بخدمته لك ، صحيح أنك تعطيه مالاً مقابل الخدمة ، لكن هل هو يسيء إليك عند بذل الخدمة لك حتى تستبيح لنفسك أن تسيئ أنت إليه مع إعطائك إياه مقابل الخدمة ، وما دمت لا ترضى منه الإساءة لك ، فكن عادلاً لا ينبغي أن ترضى له الإساءة منك ، وإلا كنت مطففاً فيكون الله من الله العذاب على هذا التطفيف ، فليس التطفيف في الكيل والوزن فقط بل هو في تبادل أو تعامل بينك وبين غيرك ، والله عز وجل يقول ” ويل للمطففين ” ، ثم ألا تعلم أيها الأخ المخدوم أنه لا فضل لك عليه في مركزك تجاه خادمك ، إنما الفضل كله لله الذي جعلك عليه سيداً ، ولو شاء الله لجعلك خادماً له وجعله مخدوماً منك ، فاشكر الله على فضله عليك ، ولا تغتر فالله قادر أن يبطش بك ، ولا تعاقبه على ابتلاء الله له ، والعاقل من بذلك يدكر . ثم إن الدين يدعونا إلى حسن معاملة الخدم بصور مختلفة سواء بالبشاشة في وجوههم والنصح لهم واللين معهم والصفح عنهم والمسامحة عند وقوع الخطأ منهم ، بل وإطعامهم مما نطعم وكسوتهم مما نكتسي منه مما يناسبهم ، وألا نكلفهم من الأعمال إلا ما يطيقونه رحمةً بهم وتخفيفاً عليهم بل وإعانتهم على تلك الأعمال إذا كلفناهم منها ما لا يطيقون ، حتى يبادلونا أخلاقنا الحسنة معهم بأخلاق حسنة وسلوكيات طيبة خالية من مظاهر الغضب والسخط علينا والرغبة في البطش والانتقام منا كلما سنحت لهم الفرص والظروف ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال “: «إنّ إخوانكم خولكم (أي خدمكم لأن الخائل هو الراعي على مصالحك) جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ” متفق عليه ، وقد روي عن سيدنا أنس رضي الله عنه أنه قال : خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فوالله ما قال لشيء فعلته لِمَ فعلتَه ، ولا لشيء لم أفعله لِمَ لَمْ تفعله ولا شممت ريحا أطيب من ريح رسول الله ، ولا لمست حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ” . وتذكر أن الله يأمرك بالرفق بمن تحت ولايتك من الخدم حتى يرفق هو بك ، وإلا كان العقاب من جنس عملك فإنك إن شققت عليهم أشقق الله عليك ، ولذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ” اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به ” رواه مسلم . وسبحان الله نسمع كثيراً عن قصص مرعبة يتفنن فيها الخدم في إيذاء مخدوميهم بسبب ظلم المخدومين لهم ، لأن الإساءة لا تقابل إلا بالإساءة ، والإحسان لا يرد إلا بالإحسان ، فإذا لم يخف المخدوم من ربه ألا يخاف أن يأتيه خادمه على حين غرة فيهلكه من حيث لا يدري ولا يحتسب فيضع له أو لأسرته مثلاً سماً أو يفتح عليه الغاز وهو نائم فيختنق هو وأسرته . ثم إن الظلم من المخدوم لخادمه لهو ظلمات تتلظى يوم القيامة ، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل عبد الله بن مسعود لما رآه يضرب خادمه بالسوط ، إعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على خادمك ، فقال يا رسول الله أعتقته لوجه الله جزاء ما فعلته معه ، فقال له رسول الله ، لو لم تفعل للفحتك النار أو للمستك النار يوم القيامة ” .

بواسطة belaad بتاريخ 16 أبريل, 2015 في 01:16 صباحًا | مصنفة في الأخبار | لا تعليقات

اترك تعليقا