غادة عبدالرحيم تكتب : ارحموا من في الأرض… يرحمكم من في السماء

غادة عبدالرحيم

كيف لنا أن نبحث عن العدل و نحن ظالمون ,نعم ظالمون لأنفسنا قبل أن يظلمنا آخرين , حينما نذهب إلى العمل بوجه عابس و لا نتقي الله و نقوم بأعمالنا بضمير ميت , و حينما نعامل بعضنا البعض بتصنيف عنصري على أساس المنصب و المظهر و المستوى و الدين و الإتجاه,فللم نعد نحترم سوى لغة واحدة هي لغة المادة و المصلحة ,حينما نسمح لأنفسنا أن نكون جزء من منظومة عمل فاسدة ثم نروج لأكاذيبها و ننحى الشرف و المباديء جانبا دون أن نعبأ بهما ,يكفي أن تدخل أي هيئة حكومية من أجل إصدار أي أوراق رسمية لتصطدم بالنظام البدائي المتهالك فتجد موظف يجلس أمام سجل كبير يدون بخط يده كافة أعماله و طوابير لا نهاية لها من البشر تقف أمامه .. ما بين من أتى إليه ثلاثة مرات إلى سبعة مرات فقط لإستكمال أوراقه و إصدار مستند أصبحت الدول الأخرى تصدره في دقائق ,نعم إنه ليس ذنب الموظف أن يعمل بهذه الأدوات التي عفى عليها الزمن و لكنه مشارك بأن أكمل الصورة السيئة بهذا الوجه العابس و الدرج المفتوح و قائمة التعقيدات التي يقدمها لأي مواطن , فأصبح العمل مجرد سبوبة و لا عزاء للضمير ,أو حينما نستغل غياب الرقابة على الأسعار فننتهز الفرصة بجشع و ننجرف مع النغمة السائدة بارتفاع الأسعار لنرفع نحن كذلك أسعارنا كتجار أغذية أو سلع استهلاكية و نحملها لذلك المواطن الكادح المهموم بمدارس أطفاله و سكنه و قائمة فواتيره التي لا تنتهي , ثم نعود للقطاع الخاص الذي أصبح موظفيه يجيدون فن استنزاف الأموال مقابل خدمات وهمية و حينما يعود العميل إليهم لإنجاز ما وعدوه به يفاجئ بقائمة من الرسوم الإضافية الغير مبررة مع مبررات لا آخر لها لما لم يتم إنجازه ,مستغلين عدم رغبة الكثيرين في اللجوء إلى القانون الذي قد يستمر لسنوات حتى يستطيعون إثبات حقوقهم و قد تضيع حقوقهم نظرا للعوار الذي يعيب القوانين السائده, و أما القطاع الطبي فحدث و لا حرج فكم ضاعت أرواح بين إهمال و ارتفاع تكاليف العلاج بسبب ارتفاع أجور الأطباء الذين نسوا أن الطب رسالة إنسانية و ليست مهنة تجارية ,إننا كشعب نجمع كل المتناقضات ما بين الرحمة و الخير الزائد و الجحود الزائد , صدرنا العلم و العلماء و التكنولوجيا إلى الخارج و بخلنا بها على انفسنا , ضربنا المثل بأخلاقنا لكن ضاع منها الكثير في زحام الظروف الطاحنة , صبرنا على المحن و لكننا أصبحنا نصنعها بأيدينا, و على الرغم من ذلك مازال الخير كامن بنا ,فلنتذكر أن من لا يرحم لا يرحم ,فلننظر مما نشتكي أولا , إن كنا نشكوا زيادة الأسعار فهذه أقل فاتورة تم دفعها في المنطقة و إن كنا نشكوا من اخلاق الناس فنحن الناس و نحن من صنعناها و بالتالي نشكوا من أنفسنا أولا,لا بد أن نعي طبيعة مشاكلنا أولا فلا يستغلها أعدائنا لتشتيتنا وهم يعلمون تمام العلم أن قوتنا و خطورتنا تكمن في وحدتنا فسعوا كالسوس لدب الفرقة بيننا.

بواسطة belaad بتاريخ 6 سبتمبر, 2015 في 10:11 صباحًا | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

اترك تعليقا