ثروت الخرباوى يكتب : يا شيخ الأزهر.. قُم

ثروت الخرباوى

لم يقل لنا أحد من رجال الأزهر: لماذا طلبة جامعة الأزهر هم الأكثر تشددا وتطرفا وعنفا من كل طلبة الجامعات المصرية؟! ولم يقل لنا أحد من شيوخ الأزهر الكبار: لماذا قام طلبة الأزهر بتخريب الجامعة والمنشآت العامة، مستحلين ما يفعلون؟! كما لم يجب شيخ الأزهر عن سؤال هام هو: لماذا تأخر ولايزال يتأخر عن مخاطبة الأمة بشأن القضايا التى أثارها الإرهابيون وحاولوا من خلالها تحطيم الأمة؟!

أين وثيقة الأزهر الشريف التى يجب أن تخرجها العقول المستنيرة من علمائه بحيث تضم الأفكار الحداثية فى فهم النصوص الدينية؟ أين الفقه الحديث الذى يجتهد لنا، لا ذلك الفقه الذى اجتهد لزمنه منذ ألف عام أو يزيد؟ ثم هل فكر شيخ الأزهر الجليل فى تشكيل لجنة من كافة التخصصات الدينية والعلمية والاجتماعية من أجل إنشاء موسوعة للحديث الشريف تحت اسم: «صحيح الأزهر الشريف»؟ بحيث تضم الأحاديث التى لا تخالف القرآن، ولا العلم، ولا العقل؟ هل سنظل يا شيخ الأزهر أسرى لاجتهادات علماء الحديث الأوائل فى نقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكان لهم الحق فى هذا والأزهر فى زمننا لا حق له؟!.

نعم، أعلم أن شيخ الأزهر كان وقت حكم الإخوان مستهدفا منهم لأنهم كانوا يريدون منصبه لرجلهم عبدالرحمن البر، كما كانوا فى ذات الوقت قد وعدوا رجلهم يوسف القرضاوى بذات المنصب، ساعتئذ كنت أنا العبد الفقير لله من خلال اللقاءات التليفزيونية والحوارات الصحفية والمقالات، أقول كنت أكثر المدافعين عن شيخ الأزهر والفاضحين لمؤامرات الإخوان ضده، خاصة أن شيوخ الإخوان فى الأزهر الشريف أصبحوا من كثرتهم كالجراد الذى «يسد عين الشمس».

وعندما ذهب الإخوان إلى متحف التاريخ، حيث لا عودة لهم، خرج من المخابئ بعض علماء الأزهر يتقربون لشيخ الأزهر ويزعمون أنهم حريصون عليه وهم فى الحقيقة نمط من أسوأ الموظفين الذين يعيشون على مقولة مات الملك عاش الملك، ولذلك فإننى ومن باب «الدين النصيحة» أقول لشيخ الأزهر، يا شيخنا، يا إمام الأمة ألا تعلم أن الإخوان انتشروا فى جامعة الأزهر وأصبح بعضهم عمداءً للكليات ووكلاء لها، ولم تصدر إلى الآن يا شيخنا قرارا بتشكيل لجنة لبحث الأمر واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم للحفاظ على وسطية الأزهر واعتداله، فهل لك أن تقول للأمة لماذا؟!.

سيطر الإخوان على هيئة كبار العلماء فى الأزهر الشريف عن طريق رجالهم فى الهيئة، وأعطيت فضيلتك لفترة طويلة رئاسة تحرير مجلة الأزهر للإخوانى التليد محمد عمارة الذى لا صلة له بالأزهر، دراسة أو انتسابا، ثم شاء الله أن ينقشع عن منصبه تحت ضغظ الرأى العام، إلا أنه أثناء رئاسته للمجلة قام بتحويلها إلى نشرة إخوانية، وكتب فيها أيام إعداد دستور الإخوان الأغبر مقالا كاد فيه أن يجعل من دستورهم كتابا مقدسا حيث وصفه بأنه شبيهٌ بوثيقة الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة! ثم قام محمد عمارة «الدرعمى» باستكتاب كبار قادة الإخوان فى العالم فى مجلة الأزهر مثل عصام البشير، وراشد الغنوشى، والإرهابى صلاح سلطان، وسليم العوا، فضلا عن فهمى هويدى وطارق البشرى وغيرهم، ولم تقم يا شيخنا بتشكيل لجنة للتحقيق فى هذا الأمر واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من حوَّلوا الأزهر ومجلته إلى شُعبة من شُعَب الإخوان!.
بات معروفا للكافة أن مناهج التعليم الأزهرى فى المدارس والمعاهد الأزهرية تحتاج إلى ثورة تصحيحية، فالمناهج القائمة تحتوى على كتب بشعة تجيز أكل لحم البشر والاستنجاء بكتب أهل الكتاب المقدسة! وقد أنتجت لنا هذه الكتب جيلا من المتطرفين والإرهابيين لانزال إلى لحظتنا هذه نعانى من تطرفهم، ورغم أننا وغيرنا نادينا بتغيير المناهج كثيرًا إلا أنك يا شيخ الأزهر لم تتحرك من مكانك ولم تأمر بتشكيل لجنة للتحقيق فى هذا الأمر واتخاذ الإجراءات العلمية لتصحيح هذا الوضع المؤسف! نعم حدث بعض التعديل ولكنه لمجرد ذر الرماد فى العيون، ومازالت المناهج التى تدرس للطلبة تملأ قلوبهم بالكراهية وازدراء الآخرين.
خرج للفتوى كل من هب ودب ممن لا صلة لهم بالعلم ولا بالأزهر، وتسيدوا على كثير من المساجد، واعتمدوا على لحاهم التى استطالت وعمائمهم البيضاء التى استدارت، فخدعوا البسطاء وأخرجوهم من الفهم الصحيح للإسلام ببساطته وسماحته ورحمته، وكوَّنوا بتُرَّهاتهم جيلا من الإرهابيين يعيث فى الأرض فسادا، ونتج عن جهالات وفتاوى دعاة الشيطان هؤلاء إلحاد عدد كبير من الشباب ظنا منهم أن هذا هو الإسلام، فلم تأمر يا إمام الأمة وشيخها بتشكيل لجنة للتحقيق العلمى فى الفتاوى الدينية لهؤلاء واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، ولكنك وياللعجب قمت باستقبالهم فى مكتبك وأحسنت وفادتهم وكأنك تعطيهم وتعطى ضلالاتهم الدينية شرعية أزهرية!.
والحقيقة المؤلمة أنه كان من المفترض أن يبدأ شيخ الأزهر فى إعداد عدته لمواجهة التطرف والإرهاب ووضع الخطط العلمية والفكرية الكفيلة بالقضاء على جذور التطرف وتجديد الخطاب الدينى، وتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة، إلا أن شيخ الأزهر لم يأمر بتشكيل لجنة لإنجاز تلك المهمة، التى هى أهم وأخطر مهمة تحتاجها الأمة فى هذا القرن!.

أصدقكم القول، كل هذه المقدمات التى ذكرتها فى مقالى تدل على أن شيخ الأزهر بجلالة قدره يخاف من السلفيين ورموزهم، ومن قبل وإلى الآن يخاف من الإخوان، حتى إنه جعلهم من أكبر المستشارين له، وقد خلق فريق المستشارين هذا له مجموعة من الأعداء بل إنهم نقلوا شيخ الأزهر نفسه من دائرة العلماء المستنيرين إلى دائرة العلماء الذين يخاصمون التجديد.

يا فضيلة الإمام الأكبر يا رجل الاستنارة، نحن فى هذه الأيام السوداء لا نحتاج إلى تجديد الخطاب الدينى ولكننا، كما قال رئيس الجمهورية، نحتاج إلى من يقود ثورة دينية، وأصحاب الثورات لا يحيطون أنفسهم بمجموعة من الموظفين، فإذا لم تكن مؤهلا لقيادة ثورة دينية فأحسن لك أن تقدم استقالتك وتترك مكانك لمن يقود ثورة اشتاقت لها الأمة، يا شيخنا قم إلى الثورة، أو قم إلى بيتك.

بواسطة belaad بتاريخ 30 أبريل, 2017 في 12:29 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

اترك تعليقا