حسام فاضل حشيش يكتب : أهلاوي ولا زملكاوي .. ابنتي مريضة

حسام حشيش

ما فعله الإعلامي الإماراتي منذر المزكي يستحق أن يدرّس وأن نتوقف عنده كثيراً ونتناقش حوله بجدية، لنبحث ونجيب عن الدور الحقيقي للإعلام ورسالته وعن الفرق الكبير والكبير جداً بين وسيلة إعلامية تسخر كل ما تملك من موارد وأموال وأفكار جهنمية لتدمير وتخريب الشعوب .. ووسيلة إعلامية أخرى ـ حتى إن كانت رياضية ـ لم يقدم مراسلها سوى فقرة فيما لا يزيد على عشر دقائق، ومع ذلك أصبحت حديث الجميع داخل مصر والدول العربية لإنسانيتها الشديدة وعفويتها.
والموقف بكل بساطة أن هناك تقريراً يومياً يقدم على فضائية أبوظبي الرياضية لتغطية فعاليات البطولة العربية لكرة القدم المقامة فى مصر، وضمن التقرير الذى يقدمه الإعلامي الرياضي «منذر المزكي»، وفيه يتحاور المذيع مع المواطنين المصريين الذين يلتقيهم صدفة في الشارع ويستطلع آراءهم عن البطولة وعن الرياضة في مصر والعالم العربي بشكل عام. والتقى المزكي مرة رجلاً يحمل طفلته على كتفه والطفلة لم تبلغ عامها الأول بعد، وسأله سؤال (أنت أهلاوي ولا زملكاوي؟) ليتفاجأ المذيع بالأب يعتذر له عن الإجابة، ويحدثه عن أن ما يشغل باله هو طفلته هذه، وهي مصابة بمرض نادر، ولا بد من إجراء جراحة لها، ولظروفه الحياتية والمادية الصعبة فإنه لا يستطيع مساعدة ابنته التي تموت على يديه، ومع هذا يرفض أي مساعدة من أحد.
هنا قد يمر الأمر عادياً، مجرد فقرة في برنامج وانتهت، مجرد مواطن مصري التقاه مذيع يؤدي عمله الرياضي وتنتهي الأمور بشكل عادي وتعود الصورة للاستديو وكأن شيئاً لم يكن، غير أن ما حدث هو أن الإنسان قد انتصر، وأن ما زرعه مؤسس دولة الإمارات المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فى نفوس وأخلاق أبنائه قد تجلى في ردة فعل الإعلامي الإماراتي الذي تتبع وفريق عمله الرجل المصري وابنته وصعدوا إلى شقته في محاولة لإقناع الرجل بالمساعدة في علاج الطفلة، ليخرج بعدها ومعه الأب والطفلة إلى مستشفى الشاطبي لجراحات الأطفال في الإسكندرية، وتجرى جراحة عاجلة للطفلة على يد فريق كامل من أمهر الأطباء المصريين.
كل هذا حدث بشكل عفوي وغير مقصود ودونما «شو»، غير أن ما فجّر كل هذا «السوشيال ميديا» كما يقول المزكي في حواره بعدها عن ملابسات الموقف، ملايين المصريين توقفوا عن الحديث عن المباراة، ولم تشغلهم نتيجة اللقاء أو أحداثه، بل توقفوا عند هذا الموقف النبيل لإنسان قبل أن يكون إعلامياً، وعن مهنية ورسالة الإعلام الذي أسعد أسرة ورسم ابتسامة على وجه أب وطفلته التي لم تدرك بعد مرضها.
نسي الإعلامي للحظات كل شيء وتذكر، كما قال، أنه أب لأطفال ثلاثة، وتذكر كذلك وصية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لأبنائه الإماراتيين عن مصر والمصريين، هذا ما يدعونا للمقارنة ما بين إعلام يسعى للإنسان ويبحث عن سلامته وأمنه والارتقاء به، ينتهج الحب والتسامح والنبل رسالة له، وإعلام آخر يصوب كاميراته ومايكرفوناته بخبث كأنما يصوب طلقات مدافعه، ربما فى محاولة يائسة منه لقتل ما تبقى من أمن الإنسان العربي. شكراً للإعلام والإعلاميين الإماراتيين.

بواسطة belaad بتاريخ 16 أغسطس, 2017 في 12:09 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

اترك تعليقا