مصطفي الديب يكتب : أزمة إنسان 2

مصطفي الديب

لقد بحث المناطقة عن وصف يصح أن يتفرد به الإنسان فلم يجدوا غير مصطلح الإنسان حيوان ناطق! وأضافوا علي ذلك فقالوا حيوان ضاحك ,ولهم في ذلك أبحاث كثيرة ,وأيا ما كان فإن الإنسان حيوان ضعيف,يؤس,كفور, حقود,جهول,هلوع, جزوع, قتور ..إلا من هذبه الإيمان ,وحجمته الأخلاق ورباه الإسلام . قيمة الانسان كإنسان في مصر ,لها منظور مختلف ,وطبيعة خاصة ,وماهية متفردة ,جعلت كل شعوب العالم ينظرون إليه بشيئ من الدقة ,حضارات كحضارات امريكا وبعض دول الخليج ,لم يتعدي تاريخها عشرات السنين !, فمن الأجدي أن تكون مصر صاحبة الهيمنة الحقيقة علي تلك الدول ,فدويلة كإسرائيل (وبدون مبالغة) أصبحت تلاعب كل دول العالم ,بل ولديها القدرة علي التحكم في مصائر شعوب بأكملها !. إذا أردت أن تعرف توجهات نسبة كبيرة من الشباب المصري حول طموحاته ستكون النسبة بمعدل 80% يريد السفر للخارج خاصة دولة أوروبية ! بدعوي أن تلك البلاد هي بلاد التحضر والنظافة والعلم والعلوم وإحترام الإنسانية ! . الأمر بذاته سيطرح سؤالا: لماذا يهاجر أبناء مصر وعلماءها ويتم إحتضانهم في تلك البلاد ؟ الأجابة معروفة لدي الجميع,فعندما تجلس بجوار أحد يقول لك : إن أمنية حياته أن يرجع به الزمن فيعيش مثلما كان يعيش آباؤه وأجداده حيث الكرم,والطيبة والأخلاق,والترابط الإجتماعي والنظافة…الخ ! ورغم أن تلك الفترة كانت تفتقر لكل مقومات الرفاهية وسبل الراحة ,إلا أن ثمة شعور ينتابك عندما تشاهد مثلا فيلم من أفلام الأبيض والأسود يتضمن حياة نقية ,أخلاق عالية ,ترابط أسري ..الخ .وأمور تم إندثارها تماما في الشعب المصري . في أحدث تقرير لمعهد التخطيط القومي ,أكد أن نسبة التحرش الجنسي وصلت في مصر الي 88%! نتيجة كهذه كفيلة بعمل مئات الأبحاث عن الإنسان المصري المتفرد بهذه النسبة المفزعة ,وما الاعلام المصري عنا ببعيد ,فقد تم تخصيص برامج علي الفضائيات مهمتها الأساسية مناقشة معدل الجريمة ,وكل ما هو شاذ داخل النسيج المجتمعي , بالاضافة الي العري والبلطجة والدعارة والخمر والسجون …الخ والقائمة تطول والتي يتم طرحها في الأفلام والمسلسلات, فمن أعطي مشروعية لتلك المشاهد وهذا الاعلام ؟ إنه الإنسان المصري لا غير , فمن يعمل بالاعلام يعلم جيدا أن منتج العمل الفني لا يشرع في الإنفاق علي فيلم أو برنامج أو مسلسل ,الا وهو يعلم مدي الذوق العام ,وما سيجلب له الإيرادات , فإذاعلم المنتج أن أفلامه ستقابل بالرفض ولن يشاهدها أحد ,فمن باب المنطق أنه سيتراجع ,لكنه يعلم تماما أن الشعب المصري (الا من رحم) سيلهث وراء تلك المشاهد ! . الإعلام هو مرآه الشعوب ,إحترام العالم لك هو نتيجة لما ينشره إعلامك ,حتي أصبحت مصر تربة خصبة لكل الأبحاث التجريبية المرتبطة بهذه الموضوعات. أقدم حضارة توجد في مصر حقيقة لاينكرها الا حاقد ,ومع هذا ضربت مصر الحد الأقصي في معدلات الإستهلاك في أشياء ومنتجات سبقتنا بها أصغر الدول وأحدثها! ,والأمر بذاته لا ينفي المقومات العقلية الهائلة لدي بعض المصريين, لكن وجود الموهبة ليس كفيلا لقيمة الفرد إن لم يتم رعايته والاهتمام بما يملكه من مواهب , الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على أن يرتفع على ذاته أو يهوى دونها، على عكس الملائكة والحيوانات، فالملائكة لا تملك إلا أن تكون ملائكة والحيوانات هي الأخرى بأمر ربها ,لا تملك إلا أن تكون حيوانات، أما الإنسان فقادر أن يرتفع إلى النجوم أو أن يغوص في الوحل, وذلك نتيجة ما متعه الخالق من مقومات عقلية لا توجد عند اي مخلوق آخر. فلا سلامة للأبدان طالما الأنفس تلوثت بالعفن ,والضمائر تلوثت بالفساد والعقول تلوثت بالجهل ,والنفوس تعاني من الخراب وفساد الضمائر والذمم ,ولا سلامة لتلك الأبدان من أسقامها إلا اذا طابت النفوس وأستقامت علي منهاج خالقها ,ونظرا لغياب كل ذلك ,ماتت القيم وتمت الصلاة علي الإنسانية صلاة الغائب حتي تولدت تلك الأزمة ..أزمة إنسان !. في المقال القادم سنفرد الأسباب التي أدت الي تدني الانسان المصري بهذا الشكل.

بواسطة belaad بتاريخ 5 يناير, 2015 في 11:59 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

اترك تعليقا