غادة عبد الرحيم تكتب : الاحتلال الصامت

غادة عبدالرحيم

 

 منذ أوائل السبعينات تغير الفكر الاستعماري بجميع آلياته. .فنالت العديد من الشعوب استقلالها ..و تم الاعتراف بكيانها كدولة محكومة حكم ذاتي ولكن هل حققت فعلا حريتها و نالت جميع حقوقها ..هل أصبحت تمتلك السيادة الاقتصادية و الفكرية لشعوبها ..، إن المؤشر أخذ في الانحدار و بشكل ملحوظ في كافة المجالات ،فرغم انتشار المستشفيات إلا أن العديد من المسؤولين لن يغامروا للعلاج بها بل يتجهون الي العلاج بالخارج باعتبار أن الفحوصات هناك أشمل و أدق ، و رغم انتشار المدارس الحكومية إلا أنهم لن يغامروا بتعليم أبنائهم بها بل ستجدونهم في المدارس الأجنبية أو في الخارج لضمان جودة التعليم ليفخروا لاحقا بالجامعات التي تخرجوا منها و إذا صنفت جامعاتنا عالميا لفوجئنا أنها لن تتخطى عدد نقاط التعليم الاعدادي و الثانوي بل لن يتم الاعتراف بالكثير منها كشاهدة معتمدة لممارسة مهن عدة ، و بالنسبة لانحدار القيمة الحديه للعملة هل يبرره ضعف الموارد ، وإن كنا الأغنى بها عالميا من حيث المعلن و الغير معلن منها و الا ما كنا مطمعا للاستعمار، هل خلت ساحاتنا من البيروقراطية و التعسف و استعمال القوانين كسلاح ذو حدين ، هل فعلا يتمتع قضاؤنا بالاستقلالية ، و هل كل القوانين عربية خالية من التوجيهات الأجنبية ؟ و هل يستطيع الصحفي القيام بمهام وظيفته دون أن يلحقه الضرر أو يتم الضغط عليه لاحقا فلا تموت الكلمة الحرة على قلمه قبل أن يكتبها ، هل يتمتع الإنسان بكل حقوقه الإنسانية ليحرر ذهنه من خيوط العنكبوت المنسوجة بإحكام حول عقله للاحتياجات اليومية ، كانت الشعوب العربية نسيجا واحدا إلى أن نالت استقلالها المزعوم فانتشرت المذهبية و العنصرية و الجماعات الإرهابية لتقض ذلك النسيج فيصبح كالثوب المهترئ، إن المستعمر القديم لم يتخلى عن فريسته و لكنه كالثعبان غير جلده و انتظر إلى أن قوى سمه و أخذ يلتف حول ضحيته يعتصرها بكافة السبل ليضعف قوتها و يشل حركتها لينقض عليها دون مقاومة و قد ساعده من نشرهم داخل مفاصلنا فتلونوا كالحرباء بلوننا ، تكاد الأرض تنطق لتصرخ من تبجحهم و كذبهم.

بواسطة belaad بتاريخ 14 مايو, 2018 في 12:06 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

اترك تعليقا