أحمد الزالوعى يكتب : في مديح الساحـــر الأزرق 

 

أحمد الزالوعى

الفيس بوك منجزٌ حضاريٌ عالميٌ فارق؛ توّج تطور تكنولوجيا الإنترنت في الفترة الأخيرة بخلق مجتمع مواز حقيقي (وليس افتراضيا) أما عن احتشاد صفحات فيس بأخبار التهنئة والتعزية والميلاد فهو دليل على واقعية الفيس وعدم افتراضيته .. فكما يستخدم كمنصات لدعايات تجارية كذلك يستخدم لإعلانات شخصية حل فيها محل أدوات كانت موجودة سابقا كنعي الصحف والتلجرافات وكروت المعايدة وغير ذلك. و ليس أدل على الأثر الواسع و العميق والفاعل للساحر الأزرق من أنه كان المنطلق الأول لثورات الربيع العربي, واليوم تتعدد تجلياته ووجوهه فمن منصات إخبارية إلي منتديات فكرية إلى مواد متلفزة كلها قيد التطور والتحديث الأمر الذي يشير إلى حتمية إنتهاء أنماط إعلامية قديمة تحت سنابك الصفحات الزرقاء. لقد أمضى الإنسان قرنا من الزمان كان فيه الخبر حكرا على الصحيفة الرسمية والإذاعة الرسمية والقناة الرسمية أما اليوم وعبر الفيس كسرت الجماهير رسمية ما هو رسمي وأتيح لها آلاف المصادر للخبر عبر صفحات الفيس التي هي -كلها- بدرجة أو باخرى منصات إخبارية ولو كان خبر وفاة أحدهم في قرية نائية
. وكمجتمع حقيقي كامل الواقعية تجد صفحات فيسبوكية كلها فكاهات وضحك وأخرى تنضح بدموع الأسى, صفحات ليس فيها إلا الدباديب والورود و الخيول الممشوقة , وصفحات أخرى لشعراء كبار وأدباء عظام وعلماء متخصصين مختلطة بصفحات ما أنشئت إلا للتواصل و التعارف, وحتى الصفحات الوهمية نفسها قد تكون أكثر حقيقية في التعبير عن أصحابها من صفحاتهم الصريحة حيث يسعى بعضهم في عالم الفيس بوك الجديد بشخصيته التي كان يود أن يكون عليها, وكما هو الواقع فيه الغث والسمين؛ كذلك هو الفيس فيه الشجر المثمر والآخر الشحيح, والزهر الفواح والآخر عديم الرائحة, الغصن الرطيب إلى جوار المكسو شوكا؛ كل ذلك في نفس تراب الأرض ووحلها 

بواسطة belaad بتاريخ 26 ديسمبر, 2018 في 03:46 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

اترك تعليقا